أثناء أحتلال بريطانيا للهند عانى جنودها من كثرة إنتشار أفاعي الكوبرا.
فقرر الجيش البريطاني تخصيص مكافأة مالية لكل كوبرا يحضرها أي شخص لقتلها فقام الهنود بإصطيادها في الغابات والساحات وكل الأماكن التي تتواجد فيها للحصول على المكافأة وأصبح الموضوع مصدر رزق للكثير منهم وأستغل بعض الخبثاء هذا الأمر فقاموا بتربية الأفاعي وإنشاء المزارع لتوليدها وتربيتها ثم أخذها إلى الجيش البريطاني للحصول على المكافأة وأصبحت تجارة رابحة لهم إلى أن أكتشف البريطانيون هذا الأمر فقرروا فجأة إلغاء هذه المكافأة.
وإزاء ذلك قام الخبثاء برمي الأفاعي وتركها في الغابات فأزدادت أعدادها وتفاقمت مشكلة إنتشارها وخطرها على البيوت والمدن والقرى والبشر.
فبدلاً من أن تحل المكافأة تلك المشكلة وجدناها زادت من حجم المشكلة.
ولهذا سميت بنظرية أثر أو تأثير الكوبرا.
وقد عانت فنزويلا أيضاً من مشكلة كثرة الفئران وإنتشارها فقررت تخصيص مكافأة لكل رأس فأر فقام الخبثاء بتربيتها وتوليدها للحصول على المكافأة فبدلاً من الحد من إنتشارها زادت أعدادها وأحجامها.
وعانت دول أخرى عديدة من ذات الأثر فبعض الحلول التي وضعتها للحد من المشاكل والمخاطر زادت من المشكلة سوءاً وإنتشاراً وخطراً.
وفي الكويت
أقرت الدولة للمطلقات بمعونة إجتماعية تقدم إليها شهرياً لدعمها في حياتها بعد الطلاق ولحمايتها من الوقوع في فخ الحوج وما يصاحبه من آثار سلبية على عفتها وسمعتها فأنتهز البعض ذلك بأن طلقوا زوجاتهم لتقوم الزوجة بتقديم شهادة طلاقها لوزارة الشؤون الاجتماعية لصرف المعونة لها ويقوم الزوج بعد ذلك بإعادتها إلى عصمته خلال العدة دون إثباتها رسمياً في الكويت أو إثباتها خارج الكويت وتستمر هي بقبض المعونة الاجتماعية شهرياً وهي في ذمة زوجها تنجب منه أولاداً بعد أولاد.
وأحسبوا كم المبالغ التي دفعتها الدولة إلى المطلقات ورقاً والزوجات واقعاً وهن
لا يستحقن شيئاً.
كذلك أقرت الدولة بدل إيجار للمتزوجين حديثاً إلى حين تخصيص بيوت حكومية لهم لتخفيف عبء غلاء إيجارات الشقق إلى حين أستلامهم لبيوتهم الحكومية الذي بدأ وللأسف الشديد إنتظاره يطول.
إذ أصبح الأنتظار خصوصاً هذه الأيام يصل إلى أن يصبح المواطن جداً.
وأخذ الكثير منهم وللأسف الشديد بالتواطؤ مع بعض موظفي الدولة بالسكن في بيوت والديهم دون إيجار وتقاضي بدل إيجار من الدولة وهم لا يستحقونها.
وبعد تحرير البلاد من الغزو العراقي الغاشم.
وترضيةً للشعب وتخفيفاً من الأضرار التي حاقت بالمواطنين من جراء الغزو قامت الدولة بإسقاط جميع القروض الإستهلاكية على المواطنين.
وكذا أقساط قروض البيوت الحكومية ومنح المواطنين وثائق ملكية لهذه البيوت.
وكذلك قامت الدولة بتثمين بيوت جزيرة فيلكا بعد أن تضررت مساكنها أشد أضرار لكي يجد أصحابها بديلاً عن هذه المساكن المتضررة ولكن بدلاً من أن يساعد ذلك بتعويض المتضررين من المواطنين ويعيد إليهم عافيتهم المادية قاموا ببيع بيوتهم الحكومية بعد أن أستملكوها وقاموا بشراء بيوتاً جديدة في المناطق الداخلية.
الأمر الذي أدى إلى أستغلال ملاك وتجار العقارات وقاموا بزيادة أسعار الأراضي والعقارات السكنية بصورة منعت وحرمت الشباب من شراء أراضي لبناء بيوت الزوجية عليها.
فبدلاً من التمتع بالسكن في بيوتهم دون دفع أقساط بعد أن أسقطت الدولة عنهم أقساطها وجدنا أستغلالهم للمنحة والهبة الممنوحة لهم والموهوبة إليهم فأخذوا يضاربون بأسعار بيوتهم وترتب عليه زيادة أسعار الأراضي والعقارات بصورة خيالية لم يستطيع الشباب البادئ لحياته الزوجية من شراءها وحتى إيجارات الشقق تصاعدت فلم يعد الراتب يكفي للإيجار ولا يسد حاجته واحتياجات صغاره حتى يكبروا.
وأصبح المواطن الصالح البسيط الذي لم يحظى برعاية سكنية قبل الغزو يطحن ويُطحن في سبيل توفير الحياة الكريمة لأهله وأولاده.
هكذا أصبح البعض كوبرا في أستغلال أمتيازات وحقوق أقرتها الدولة للحل من مشاكل مالية وصعوبات مادية يواجهها أفراد الشعب فأستغلها البعض وبدلاً من أن تحل المشكلة أزدادت تفاقماً وحجماً.
ولم تتوقف هذه النظرية عند هذا الحد.
فالبعض أستغل قانون التأمينات الاجتماعية للحصول على تقاعد طبي مبكر فأبتكر الأمراض وزور الشهادات الطبية في سبيل أن يحصل على راتب تقاعد طبي هو سليم.
وعند صدور قانون دعم ذوي الأحتياجات الخاصة وإقرار حقوق ومميزات من رواتب ومخصصات وسيارات وممرض وسائق وبدل مالي لتهيئة المسكن بما يحتاجه المعاق من معدات وأدوات ليعيش حياة سعيدة سهلة شأنه شأن المعافي .
أنتهز البعض ” وللأسف هم كثر ” وسارع إلى الإدعاء بإعاقته وزور التقارير الطبية لإثبات ما أدعاه من إعاقة.
وساعدهم بذلك أعضاءً من لجان ومجالس مختلفة.
فأصبح الكل معاق مدعياً الإعاقة لمجرد الحصول على المميزات والأمتيازات والمخصصات التي يقرها هذا القانون.
وغير ذلك الكثير الكثير
فقانون دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص شُرع وقُرر لتشجيع المواطنين بالعمل لدى القطاع الخاص.
فأمتلئت المحاكم بقضايا جنائية بقيام بعض الشركات الخاصة بتسجيل كويتيين وكويتييات كعاملين لديهم للقول بإلتزامهم بنسبة العمالة الوطنية وحصول هؤلاء على دعم العمالة وهم لا يشتغلون بل أن أكثرهم لا يعرف عنوان الشركة فأصبحوا مزورين ومتهمين بأختلاس المال العام دون وجه حق.
ولم يقف الحد عند هذا أيضاً.
فحتى قانون دعم الرياضة والرياضيين الذي أقر مميزات مالية لكل لاعبي الأندية في معظم الألعاب الرياضية وذلك تشجيعاً للشباب على المنافسة لرفع المستوى الرياضي في الألعاب حتى تحقق الكويت البطولات والفوز في مختلف المحافل الرياضية الدولية الأقليمية والقارية إلا أنه وللأسف الشديد لم يسلم من أستغلال الخبثاء ولا من التطبيق الخاطئ له.
إذ رأينا الأندية تقوم بتسجيل لاعبين لم يدخلوا النادي في حياتهم وأقصى ما يعرفونه عن الرياضة ما يتسنى لهم مشاهدته في التلفزيون أو سماع المناقشة فيه في الديوانية وذلك للحصول على الدعم المقرر لهذا اللاعب وهو في بيته مع حصول النادي أو المشرف على اللعبة على جزء من هذا الدعم.
فأصبح هذا القانون كحنفية ماء لا تغلق أهدرنا بسببها الملايين ولم نحقق بطولات أو فوز في أي ملتقى رياضي.
بل الأدهى والأمر أن الرياضة قد توقفت دولياً وقارياً واللاعبين المسجلين مازالوا يتقاضون هذا الدعم.
فأصبحوا مزورين ومختلسي للمال العام دون وجه حق.
هكذا أصبح تأثير أو أثر الكوبرا يظهر في كل ما تقره الدولة من حقوق وأمتيازات ومخصصات.
إذ كان مقصودها وهدفها في ذلك مساعدة الناس والتخفيف من أعباءهم وتحمل الدولة لجزء من مشاقهم وحل مشاكلهم المالية إلا أنها تتفاجئ بأن المشكلة تتفاقم وإنفاق الدولة يزيد.
وأنظروا اليوم إلى أعداد الحاصلين على شهادات الدكتوراه المزورة.
فمن أجل حفنة دنانير زيادة على راتبه أو رغبة في الوجاهة الاجتماعية أو حتى التعيين في المراكز القيادية أكتشفنا أن الكثير زوروا شهادات دكتوراه أو أشتروها من جامعات وهمية.
وخوفي بعد إقرار حق المطلقة من الحصول على رعاية سكنية أو قرض 70 ألف دينار أن تعود حليمة إلى عادتها القديمة.
بأن تتطلق من زوجها وتثبت حضانتها لأولادها ثم تعود وترجع إليه بورقة عرفية لا يتم إثباتها رسمياً في الكويت أو إثباتها خارج الكويت وبعد ثلاث سنوات تطلب حقها في الرعاية السكنية بالحصول على قرض السبعين ألف دينار.
هكذا نحن نفعل.
الحنفية مستمرة بالأهدار والكل يشفط بطريقته على حسب قدرته وموقعه.
فنحن خير من يطبق المثل القائل: من له حيلة فليحتال.
الكثير من المميزات أقرتها الدولة للشعب ولكننا للأسف أسئنا أستخدامها.
حتى المكافآت التي قررتها الحكومة للعاملين في مواجهة فيروس الكورونا نظير جهودهم وتعبهم وتضحياتهم وتحملهم لمخاطر العدوى حاول الكثير الأستفادة منها وهو في البيت.
لم نعد نفرق بين من يستحق هذه المميزات وبين من لا يستحقها.
ولم نعد نفرق بين المعاق والسليم أو المطلقة والمتزوجة وبين الرياضي والبيتوتي وبين الأمي والجامعي.
لقد أصبحنا سواسية متساوون عند إقرار حق أو ميزة لفئة معينة.
ولِم لا فحتى القائمين والمكلفين على تطبيق هذه القوانين تطبيقاً صحيحاً يستفيدون فأصبح كلب الرعي يقتسم مع الذئب الأغنام التي يتغاضى عن حمايتها وحراستها.
نعم الكل عند توزيع الكعكة موجود رافعاً يده والأكمة فهو رياضي ومطلق أو مطلقة ومتقاعد طبياً وذوي أحتياجات خاصة ومدين عليه قروض ودكتور وبرفسور ومصاب بكل الأمراض عندما يكون لهم حقوق ومميزات.